الشيخ سلطان القاسمي: محطات في مسيرة صانع نهضة الشارقة

  • بتاريخ : سبتمبر 18, 2025 - 2:22 ص
  • الزيارات : 40
  •  

    تتألق إمارة الشارقة في سماء دولة الإمارات العربية المتحدة كجوهرة فريدة، محافظة على أصالة تاريخها العريق، ومنفتحة على آفاق المستقبل الواعد. ووراء هذا التألق قصة قائد ملهم، بذل حياته لخدمة وطنه وشعبه، إنه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، الذي يعتبر بحق مهندس نهضتها الحديثة.

    لسنوات طويلة، قاد الشيخ سلطان القاسمي مسيرة تنموية شاملة، ارتكزت على رؤية استراتيجية واضحة، وهدف نبيل: بناء إنسان مثقف وواعٍ، قادر على المساهمة في بناء مجتمع مزدهر ومستدام. فمن هو الشيخ سلطان القاسمي؟ وما هي أبرز المحطات في مسيرته الحافلة بالعطاء والإنجازات؟ وكيف استطاع أن يحول الشارقة إلى نموذج يحتذى به في التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية؟ هذا ما سنجيب عنه في هذا المقال من مضمون

     

    نشأة في كنف التاريخ وتطلع نحو المستقبل

    ولد الشيخ سلطان القاسمي في الشارقة عام 1939، ونشأ في كنف أسرة حكمت الإمارة عبر قرون، متشبعة بقيم العروبة والإسلام. تلقى تعليمه الأولي في الشارقة، ثم انتقل إلى القاهرة ليكمل دراسته الثانوية والجامعية. حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة القاهرة عام 1971، ثم واصل تحصيله العلمي ليحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة إكستر البريطانية.

    لم يكن التعليم مجرد وسيلة للحصول على شهادة، بل كان شغفًا حقيقيًا لدى الشيخ سلطان القاسمي، وإيمانًا راسخًا بأهمية المعرفة في بناء الأمم وتقدمها. هذا الشغف انعكس لاحقًا في دعمه اللامحدود للتعليم والثقافة في الشارقة، وتحويلها إلى منارة للعلم والمعرفة في المنطقة.

     

    الشيخ سلطان القاسمي

     

    تولي مقاليد الحكم: بداية مرحلة جديدة

    تولى الشيخ سلطان القاسمي مقاليد الحكم في الشارقة عام 1972، في فترة كانت تشهد فيها المنطقة تحولات كبيرة. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي واجهت الإمارة في تلك الفترة، إلا أن الشيخ سلطان القاسمي استطاع بحكمته ورؤيته الثاقبة أن يقود الشارقة نحو مستقبل أفضل.

    منذ اللحظة الأولى لتوليه الحكم، وضع الشيخ سلطان القاسمي خطة شاملة للتنمية، ترتكز على عدة محاور أساسية:

    التعليم: إيماناً منه بأن التعليم هو أساس التقدم، أولى الشيخ سلطان القاسمي اهتماماً كبيراً بتطوير التعليم في الشارقة. قام بإنشاء المدارس والجامعات والمعاهد، وتوفير المنح الدراسية للطلاب المتميزين، واستقطاب الكفاءات التعليمية من مختلف أنحاء العالم. كان الهدف هو توفير تعليم عالي الجودة لجميع أبناء الشارقة، وتمكينهم من المساهمة في بناء مستقبل الإمارة.

    الثقافة:

    يعتبر الشيخ سلطان القاسمي من أبرز الداعمين للثقافة والفنون في العالم العربي. لقد أدرك أن الثقافة هي هوية الأمة، وهي التي تميزها عن غيرها. لذلك، عمل على إنشاء المتاحف والمعارض الفنية والمراكز الثقافية، ودعم الفنانين والمثقفين، وتشجيع القراءة والكتابة. وقد ساهمت هذه الجهود في تحويل الشارقة إلى عاصمة للثقافة العربية والإسلامية.

    الاقتصاد

    لم يغفل الشيخ سلطان القاسمي عن أهمية التنمية الاقتصادية في تحقيق الرفاهية للمواطنين. عمل على تنويع مصادر الدخل، وتشجيع الاستثمار، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء المناطق الصناعية والتجارية. وقد ساهمت هذه الجهود في تحويل الشارقة إلى مركز اقتصادي حيوي في المنطقة.

    التنمية الاجتماعية:

    اهتم الشيخ سلطان القاسمي بالتنمية الاجتماعية، وحرص على توفير الرعاية الصحية والاجتماعية للمواطنين، وتوفير السكن المناسب لهم، وتوفير فرص العمل للشباب. كما عمل على تعزيز دور المرأة في المجتمع، وتمكينها من المشاركة في جميع المجالات.

     

    مبادرات الشيخ سلطان بن محمد القاسمي

    لم تقتصر مبادرات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على دولة الإمارات فحسب، بل تجاوزتها لتشمل عدداً من دول العالم، ففي عام 2019 وجّه بترميم مكتبة ماكميلان التاريخية في نيروبي، تأكيداً على إيمانه بأهمية رعاية التراث الثقافي الإنساني. كما ساهم وبمتابعة من قرينته الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، عبر مؤسسة القلب الكبير، في تطوير المبنى الأساسي للمعهد القومي للأورام في القاهرة بتكلفة قاربت 33 مليون درهم، مما ساعد على رفع الطاقة الاستيعابية وتحسين الخدمات، خاصة للأطفال المصابين بالسرطان.

    وفي مصر أيضاً، قدّم دعماً لنقابة الصحفيين لإنشاء مركز تدريب متطور، وأمر ببناء مساجد تحمل أسماء شهداء مجزرة رفح في قراهم، إضافة إلى إعادة تطوير 18 منطقة عشوائية بالجيزة وتحويلها إلى مساكن حديثة مزودة بحدائق ومتنزهات. وعلى المستوى الدولي، تبرع بمليون دولار لمؤسسة الكرامة للأطفال في ماليزيا، وبنى أول مركز إسلامي في إستونيا، وأنشأ مراكز ومساجد في ألمانيا منها مركز فولسبورغ ومسجد بنسبرغ، فضلاً عن تمويل مقر اتحاد الجامعات العربية في عمّان، ودعم منظمة «الألكسو» لإنجاز موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين، كما تكفّل بإنشاء قرية «سوكا» للأطفال الأيتام في بوركينا فاسو.

     

    الشارقة عاصمة للثقافة: إنجاز تاريخي

    تعتبر الشارقة اليوم من أبرز المراكز الثقافية في العالم العربي، وذلك بفضل رؤية الشيخ سلطان القاسمي، وجهوده الدؤوبة في دعم الثقافة والفنون. وقد توجت هذه الجهود بحصول الشارقة على لقب “عاصمة الثقافة العربية” عام 1998، و”عاصمة الثقافة الإسلامية” عام 2014، و”عاصمة عالمية للكتاب” عام 2019.

    لم يكن الحصول على هذه الألقاب مجرد تتويج رمزي، بل كان اعترافًا دوليًا بالإنجازات الكبيرة التي حققتها الشارقة في مجال الثقافة والفنون. فقد أصبحت الشارقة وجهة مفضلة للفنانين والمثقفين من جميع أنحاء العالم، ومقصدًا للسياح الذين يرغبون في التعرف على الثقافة العربية والإسلامية.

     

    الشيخ سلطان القاسمي

     

    مبادرات رائدة في خدمة المجتمع

    لم يقتصر اهتمام الشيخ سلطان القاسمي على تطوير الشارقة فحسب، بل امتد ليشمل دعم المحتاجين في جميع أنحاء العالم. فقد أطلق العديد من المبادرات الإنسانية والإغاثية، التي تهدف إلى مساعدة الفقراء والمرضى والمشردين.

    من أبرز هذه المبادرات:

    مؤسسة سلطان بن محمد القاسمي الخيرية:

    تقدم هذه المؤسسة الدعم المادي والمعنوي للمحتاجين في جميع أنحاء العالم، وتركز على دعم التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية.

    جامعة الشارقة:

    تعتبر جامعة الشارقة من أفضل الجامعات في المنطقة، وتقدم تعليمًا عالي الجودة للطلاب من جميع أنحاء العالم. تقدم الجامعة منحًا دراسية للطلاب المتميزين، وتساهم في تطوير البحث العلمي في المنطقة.

    مهرجان الشارقة القرائي للطفل:

    يهدف هذا المهرجان إلى تشجيع الأطفال على القراءة والكتابة، وتنمية حبهم للثقافة والمعرفة. يقدم المهرجان مجموعة متنوعة من الفعاليات والأنشطة، التي تناسب جميع الأعمار.

     

    مؤلفات تاريخية وأدبية:

    إلى جانب اهتمامه بالحكم والتنمية، يعتبر الشيخ سلطان القاسمي مؤرخًا وباحثًا متميزًا. له العديد من المؤلفات التاريخية والأدبية، التي تتناول تاريخ الشارقة والمنطقة، وتراثها وثقافتها. من أبرز مؤلفاته:

    “تقسيم الإمبراطورية: قصة اكتشاف النفط وتداعياته”
    “حديث الذاكرة”
    “رسالة في مدح الصمت”

    تتميز مؤلفات الشيخ سلطان القاسمي بالدقة والعمق والتحليل، وتعتبر مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة.

     

    الشيخ سلطان القاسمي

     

    تقدير عالمي لمسيرة حافلة:

    حظي الشيخ سلطان القاسمي بتقدير عالمي لمسيرته الحافلة بالعطاء والإنجازات. حصل على العديد من الجوائز والأوسمة من مختلف الدول والمنظمات الدولية، تقديرًا لجهوده في دعم التعليم والثقافة والتنمية الاجتماعية.

    إن مسيرة الشيخ سلطان القاسمي هي قصة نجاح ملهمة، تؤكد أن بالإرادة والعزيمة والرؤية الثاقبة، يمكن تحقيق المستحيل. لقد استطاع الشيخ سلطان القاسمي أن يحول الشارقة إلى نموذج يحتذى به في التنمية الشاملة، وأن يرسخ مكانتها كمركز ثقافي واقتصادي واجتماعي متميز.

     

    تنمية الشارقة: رؤية استراتيجية متكاملة:

    تعتبر تنمية الشارقة تحت قيادة الشيخ سلطان القاسمي قصة نجاح فريدة من نوعها. لم تقتصر التنمية على الجانب الاقتصادي فحسب، بل شملت جميع جوانب الحياة، من التعليم والثقافة إلى الصحة والبيئة. وقد ارتكزت هذه التنمية على رؤية استراتيجية متكاملة، تأخذ في الاعتبار احتياجات الحاضر وتطلعات المستقبل.

    لقد حرص الشيخ سلطان القاسمي على تحقيق التوازن بين الحداثة والأصالة، والحفاظ على الهوية الثقافية للإمارة، مع الانفتاح على العالم والاستفادة من الخبرات العالمية. وقد ساهمت هذه الرؤية في تحويل الشارقة إلى مدينة عصرية متطورة، مع الحفاظ على طابعها العربي والإسلامي الأصيل.

     

    الشيخ سلطان القاسمي

     

    إنجازات الشيخ سلطان القاسمي: بصمة لا تُمحى:

    تعتبر إنجازات الشيخ سلطان القاسمي في الشارقة بصمة لا تُمحى في تاريخ الإمارة. لقد ترك بصمته في كل مجال من مجالات الحياة، وأحدث تحولات جذرية في المجتمع والاقتصاد والثقافة.

     

    من أبرز إنجازاته:

    تطوير التعليم إنشاء المدارس والجامعات والمعاهد، وتوفير المنح الدراسية، واستقطاب الكفاءات التعليمية.
    دعم الثقافة: إنشاء المتاحف والمعارض الفنية والمراكز الثقافية، ودعم الفنانين والمثقفين، وتشجيع القراءة والكتابة.
    تنمية الاقتصاد: تنويع مصادر الدخل، وتشجيع الاستثمار، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء المناطق الصناعية والتجارية.
    تطوير البنية التحتية: إنشاء الطرق والجسور والموانئ والمطارات، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
    التنمية الاجتماعية: توفير الرعاية الصحية والاجتماعية، وتوفير السكن المناسب، وتوفير فرص العمل.

    الحفاظ على البيئة: حماية البيئة الطبيعية، وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة، وتطوير السياحة البيئية.

    إن هذه الإنجازات وغيرها الكثير، تجعل من الشيخ سلطان القاسمي قائدًا استثنائيًا، وصانع نهضة حقيقية للشارقة.

     

    سيرة الشيخ سلطان القاسمي: قصة قائد ملهم:

    إن سيرة الشيخ سلطان القاسمي هي قصة قائد ملهم، استطاع بحكمته ورؤيته الثاقبة أن يقود الشارقة نحو مستقبل أفضل. لقد كرس حياته لخدمة وطنه وشعبه، وعمل بجد وإخلاص لتحقيق الرفاهية والازدهار للإمارة.

    ستظل سيرة الشيخ سلطان القاسمي نبراسًا يضيء الطريق للأجيال القادمة، ومصدر إلهام لكل من يسعى إلى خدمة وطنه وشعبه. إنه بحق قائد عظيم، وصانع نهضة، وقامة وطنية شامخة.

     

    في الختام، يمكن القول أن الشيخ سلطان القاسمي ليس مجرد حاكم، بل هو قائد ملهم، ومفكر مستنير، ومؤرخ متمكن، وداعم للثقافة والفنون، ومحب للخير والإنسانية. لقد استطاع أن يحول الشارقة إلى جوهرة تتلألأ في سماء دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن يجعلها نموذجًا يحتذى به في التنمية الشاملة والمستدامة.

     

    الشيخ سلطان القاسمي

     

    الأسئلة الشائعة (FAQ)

    من هو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي؟
    هو حاكم إمارة الشارقة وعضو المجلس الأعلى للاتحاد في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 1972. وُلد عام 1939، وهو قائد مثقف جمع بين السياسة والعلم والتاريخ، ويُعدّ مهندس النهضة الحديثة في الشارقة.

    ما المؤهلات العلمية التي حصل عليها؟
    نال البكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة القاهرة عام 1971، ثم حصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة إكستر في بريطانيا، إلى جانب دراسات متخصصة في مجالات أخرى.

    ما أبرز المحطات في مسيرته التعليمية والثقافية؟

    تأسيس جامعة الشارقة والجامعة الأمريكية في الشارقة.

    إطلاق مهرجان الشارقة القرائي للطفل لتشجيع القراءة.

    إنشاء هيئة الشارقة للكتاب وتنظيم معارض كتب عالمية.

    تحويل الشارقة إلى منارة للثقافة العربية والإسلامية.

    ما الإنجازات الاقتصادية للشيخ سلطان القاسمي؟
    عمل على تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط عبر تطوير المناطق الصناعية والتجارية، وتشجيع الاستثمار، وتشييد بنية تحتية متقدمة جعلت من الشارقة مركزًا اقتصاديًا بارزًا في المنطقة.

    كيف دعم التنمية الاجتماعية في الشارقة؟
    وفّر السكن الملائم للمواطنين، ورعاية صحية متطورة، وفرص عمل للشباب، كما دعم تمكين المرأة وإشراكها في مختلف مجالات العمل والمجتمع.

    ما المبادرات الإنسانية التي أطلقها؟

    تأسيس مؤسسة سلطان بن محمد القاسمي الخيرية لدعم المحتاجين في مجالات التعليم والصحة.

    إطلاق مشروعات إغاثية ومساعدات إنسانية خارج الإمارات لمساندة الفقراء والمنكوبين.

    ما الألقاب العالمية التي حصلت عليها الشارقة بفضل جهوده؟

    عاصمة الثقافة العربية (1998).

    عاصمة الثقافة الإسلامية (2014).

    عاصمة عالمية للكتاب (2019).

    هل للشيخ سلطان القاسمي مؤلفات فكرية وأدبية؟
    نعم، كتب العديد من المؤلفات التاريخية والأدبية التي تُعد مرجعًا للباحثين، منها: حديث الذاكرة، تقسيم الإمبراطورية، سرد الذات، ورسالة في مدح الصمت.

    كيف يُنظر لمسيرته عالميًا؟
    نال تقديرًا دوليًا واسعًا وحصل على جوائز وأوسمة من منظمات ثقافية وعلمية عالمية، تقديرًا لجهوده في نشر الثقافة والمعرفة، وخدمة الإنسانية.

    ما أبرز ما يميز رؤية الشيخ سلطان القاسمي للتنمية؟
    تقوم على التوازن بين الأصالة والحداثة، والحفاظ على الهوية الثقافية العربية والإسلامية، مع الانفتاح على العالم والاستفادة من التجارب الدولية.